حديثنا فى المقال السابق عن الملكية على الشيوع والمرتبط بموضوعنا اليوم وهو ( حق الشفعة) فما هو معناه،وهل هو حق شرعى ، ومن له الحق فى الاخذ بالشفعة، وماشروط ذلك وماهو المترتب على المطالبة بحق الاخذ بالشفعة على معاملات الناس ، وهذا هو موضوع مقالنا:
ماهى الشفعة ومامعناها عموما؟
الشفعة فى اللغة: من مادة (الشفع) وقد تكون بمعنى الزيادة/ او بمعنى الوتر/ وكذلك
بمعنى الاعانة والتقوية وكل هذه المعانى
تتقارب مع حالة الشفيع الذى يطلب الشفعة ويحمى حقه القانون.
و فى الفقه الاسلامى: فهى حق للشريك فى انتزاع حصة شريكه المباعة من
يد من انتقلت اليه ، وهى عند الحنفية حق للشريك اوللجار .
اما فى القانون المدنى:
فالبالنظر لمواده من (935 حتى 947منه ) نجد انها رخصة تجيز للمتمسك بها ان
يحل محل المشترى بقوة القانون فى البيع العقارى ولكن بشروط معينة.
ومعنى ذلك انه يمكن ( للشفيع) ان يتمسك امام القضاء بأنه احق من المشترى فى هذا
البيع ويحكم له بالحلول محل المشترى بنفس شروط وقيمة الاتفاق على بيع عقار( الذى تم
بين بائع ومشترى و لم يكن هذا الشفيع طرف فيه ) الا ان مصلحته اولى بالرعاية
القانونية.
من له حق التمسك بالشفعة ؟
اجاز القانون المدنى للفئات التى سنسردها حق فى التمسك بالشفعة فى مواجهة
البائع وهم حسب نص المادة936 من القانون المدنى وحسب ترتيبهم:
1) مالك حق الرقبة : وهذا المالك هو (من يملك العقارملكية كاملة ومايرتبط
بهذه الملكية من حق فى الارض المبنى عليها وحقوق الارتفاق وحقوق الانتفاع على
العقاروغيرها من حقوق تبعية) فأنه يكون لمالك حق الرقبة هذا حق الاخذ بالشفعة اذا
حدث تصرف فى ( حق الانتفاع) وهو حق متفرع عن الملكية وسواء هذا التصرف كان جزئى او كلى على هذا المال
وكذلك يحق لمالك حق الرقبة فى الحكر وللمستحكر ايضا الحق لكلاهما فى حالة
بيع حق الحكر اوبيع حق الرقبة .
2) الشريك فى الشيوع : وقد اوضحنا ذلك فى مقالنا السابق عن الشيوع (يمكن
للمتابعين الرجوع اليه) ويحق للشريك على الشيوع الشفعة فى اى بيع يتم على المال
الشائع من احد الشركاء.
3) حق الجار فى الشفعة ولذلك احوال وهى:
* اذا كان العقار محل البيع ارض معدة للبناء او مبنى فى المدن اوالقرى
* اذا كان لهذا الجار حق ارتفاق على الارض المبيعة او للارض المبيعة حق
ارتفاق على ارضه
(مثلا يرتبط ارض كلاهما بممر للسقاية فى الارض الزراعية/ او منور او مطل فى
المبانى وغيرها)
* اذا كان هناك التصاق من جهتين لارض الحار مع الارض المبيعة ، ويشترط القانون فى ذلك ان تساوى ارض
الجار (1/2) قيمة الارض المبيعة على الاقل.
ماهو الحال اذا تزاحم الشفعاء؟
وضع القانون المدنى ترتيب لاولوية
الشفعاء فى حقهم فى الاخذ بالشفعة على العقار المبيع كالاتى:
*ان يتم ترتيبهم على طبقات بنفس تريب المادة(936 مدنى ) السابق الاشارة
اليه
* اذا كانت درجة(طبقة) اولوية الشفعاء واحدة فيحق لكل منهم الشفعة بقدر
نصيب كل منهم
* فى حالة ان المشترى( الذى تقصده الشفعة) هو نفسه له حق ان يكون شفيعا فى
هذا البيع للعقار حينها يكون له الاولوية عن من طبقة شفعته او الاقل منها ، ويكون
للاعلى منه فى الترتيب السابق الاولوية عنه.
* تكون الشفعة من المشترى الثانى اذا تمت عملية شراء وبيع لعقارقبل ان تعلن
رغبة الشفعاء او تسجيلهم لرغبتهم فى الاخذ فى الشفعة، ويكون طلب الشفعة فى هذه
الحالة بذات شروط شراء المشترى الثانى للعقار.
ماهى الحالات التى لايجوز الاخذ بالشفعة ويسقط الحق؟
لايجوز الاخذ بالشفعة فى الحالات الاتية (م939 مدنى) وهى:
* اذا تم البيع بمذاد علنى وفق للقانون
* اذا تم البيع بين الاصول او الفروع او الزوجين
* اذا تم البيع بين الاقارب حتى الدرجة الرابعة
* اذا تم البيع بين الاصهار حتى الدرجة الثانية
* اذا كان الغاية من البيع لمحل عبادة او ملحق به
* لايؤخذ الوقف بالشفعة ولا املاك الدولة وكذلك فى الاحوال التى يحظرها القانون
ماهى الاجراءات المتبعة فى الشفعة
* يجب على البائع او المشترى توجيه انذار رسمى لصاحب الحق فى الشفعة قبل
البيع
* يشتمل هذا الانذار على بيان العقار واسم البائع والمشترى والثمن
والمصروفات الرسمية
* على من يطلب الاخذ بالشفعة يوضح رغبته فى ذلك خلال(15 يوم) من تاريخ
اخطاره مع مواعيد المسافات
* ان يكون اعلان الرغبة هذا رسميا ومسجلا والاكان باطلا
* على من يعلن رغبته ايداع الثمن خلال(30 يوم) من اعلانه فى خزانة محكمة
موطن العقار
* ان يكون هذا هو كل الثمن الحقيقى المتوافق عليه بين البائع والمشترى
* يكون هذا الثمن حق المشترى اذا كان قد دفعه للبائع او حق للبائع
* ان يكون الايداع قبل رفع الدعوى بالشفعة وان لم يتم الايداع فيسقط حقه
فيها
* ترفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى خلال (30 يوما ) من تاريخ اعلان
الشفيع والاسقط الحق فيها
* وفق القواعد العامة للتقادم فى الحقوق والمطالبة بها يظل حق الشفيع فى المطالبة بالشفعة حتى(15 سنة) مدة
التقادم المسقط وذلك اذا لم يتم اعلانه بالبيع.
* لايشترط تسجيل البيع فيكون حق الشفيع سواء سجل العقد ام لا ، وفق احكام
النقض
* يجوز ان تتم الشفعة رضاء بتسليم العقار من البائع للشفيع بنفس شروط البيع
متى يسقط الحق فى الشفعة بالنسبة للشفيع ؟
* اذا نزل عن حقه فى الشفعة ولو
قبل البيع
* اذا انقضت (4 اشهر) من يوم تسجيل البيع
* فى الاحوال الاخرى التى قدترد
فى نص قانونى
* اذا زالت الحالة او الشرط الذى يمكن لحق طالب الشفعة من حق الشفعة فى اى وقت فأنه لا يعتبر مستحق للشفعة وليس له الاستمرار فى الاجراءات
ماهى النتائج المترتبة على الحكم بالشفعة؟
الحكم الصادر فى دعوى الشفعة كأنه سند ملكية للشفيع فى الارض المبيعة (م944 مدنى)
* يحل الشفيع محل المشترى فى حقوق هذا المشترى والتزماته فى العقد او
الاتفاق الاصلى
* لايحق للشفيع ان يتمسك بحق الاجل او تقسيط الثمن الذى كان للمشترى
الابموافقة البائع
* يرجع الشفيع على البائع فقط اذا استحق العقار للغير لاى سبب بعد ان تم
اخذ الشفعة
* يلزم الشفيع بسداد فيمة ماتم انفاقه اوغرسه من المشترى قبل اعلان الرغبة
فى الشفعة
* يكون سداد هذه القيمة وفق اختيار المشترى اما ( المبلغ الذى انفقه) او (
قيمة الزيادة فى العقار من ماحدث من بناء اوغرس فيه).
* اذا تم هذا البناء او الغرس بعد اعلان الرغبة فى الشفعة فلا يلزم الشفيع
الابقيمة مواد البناء واجرة العمال او نفقة الغراس، ويكون له الحق فى الزام
المشترى بالازالة
* فور تسحيل الرغبة فى الشفعة لايجوز للمشترى مواحهة الشفيع بأى رهن او حق
اختصاص او اى حق عينى اخر ترتب على المشترى
* يظل حق الدائنين المقيدين فى ترتيبهم القانونى من حيث الاولوية فيما الال
للمشترى من ثمن العقار
ماهى الاراء الفقهية الشرعية ومقارنتها بالقانون؟
* الشفعة متفق عليها انها شرعية وذلك لما ورد عن الرسول ( صلى الله عليه
وسلم) انه قضى بالشفعة فيما لم يقسم من الاموال ( ولاشفعة اذا وقعت الحدود وصرفت
الطرق) بمعنى لاشفعة فى مالايمكن قسمته .
*فى حديث اخر ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) لايحل فى كل شركة لم تقسم ريعة او حائط ان يبيع دون اذن شريكه فأن شاء ترك وان شاء اخذ فهو احق بالبيع، وقد استند البعض وهو راى الحنفية لحديث اخر( جار الدار احق بالدار) وقد اخذ القانون برأى الشفعة للجار ايضا.
.هناك احاديث تنهى عن الشفعة فى اموال عامة ( الفناء
والطريق الضيق والبئر) ومافى حكم ذلك من اموال عامة،و لاشفعة فى الميراث والوقف متفق عليه.
اختلف الفقهاء فى الشفعة فىمالاينتقل ملكيته بعوض مثلا فالبعض يرى انه لاشفعة فى هبة والبعض
يجيز الشفعة فى الهبة لدفع الضرر عن المال المشترك.
* البعض لم يجز الشفعة فى الايجار والبعض استند الى حديث( الشفعة فى كل شئ)
ويرى ان الايجارة شئ مخصوص وبه منفعة فيجوز فيه الشفعة ، ومن ظاهر نصوص القانون
المدنى ان الشفعة فى القانون لاتكون الا عن بيع ولاتصح فى الهبة او الايجار.
* فى معظم
الاراء الفقهية تكون الشفعة فى العقار ولاتكون فى منقول وقد ورد رأى للظاهرية
بجواز الشفعة فى المنقول والحيوان، والقانون لم يتحدث الا على عقارات فقط.
* فى رأى جمهور العلماء لاتكون الشفعة الا فى الملكية على الشيوع ،ولكن
القانون اخذ برأى الحنفية بجواز ذلك فى حقوق الجوار ايضا.
الحكمة الشرعية للشفعة هى نفس حكمة القانون : ان المشترى اذا كان اجنبيا عن
الشركاء على الشيوع او الجيران المتلاصقين اومن لهما مصلحة مشتركة فى جوارلحقوق
ارتفاق بينهما ، فأن القانون والفقه قد ارجح كفة الشفيع (من يطلب الشفعة)
لاعتبارات انسانية وانه غالبا مايكون مضرورا بوجود اجنبى عنه فى العقار او المنقول
محل الشفعة ( وفق قاعدة لاضرر ولاضرار)
وفى نفس هذا الموضوع يمكن الاطلاع على مقالات المواريث فى هذه المدونة وعن مقالنا السابق فى الملكية على الشيوع يمكن للاصدقاء المتابعين الاطلاع بالضغط هنا
والان ارجو ان اكون قد افدت واوفيت وارحب بالتعليق والمتابعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.